- 4916095470403+
- board@dadd-initiative.org
خلاصة القصة
“رحلة البحث عن الخيال: استكشاف قصة “طبيب القطن“
كان جيمس باري كبير الجراحين في المستشفى الملكي البريطاني. وقد التحق بالخدمة العسكرية في الهند وعاصمة جنوب أفريقيا كيب تاون. وخلال أسبوعين، أصبح المفتش الطبي للمستعمرة، وخلال فترة عمله هناك نفذ نظامًا أفضل لشبكة مياه الشرب في مدينة كيب تاون، كما أجرى واحدة من أول عمليات الولادة القيصرية الناجحة وأطلق على المولود اسم جيمس باري تيمناً باسمه. لكن جيمس باري أخفى حقيقته عن الجميع، ترى لماذا فعل ذلك؟
- التصنيف: سلوك وقيم
- تأليف: ميشيل ماثيوز
- ترجمة: لؤي جلال سليمان
- تنسيق التصميم: وفاء النجار
فِي قَديمِ الزَّمَانِ، مُنْذُ حَوَالَيْ مِئَتَيْ عَامٍ، كَانَتْ هُنَاكَ فَتَاةٌ تُدْعَى مَارْجَرِتْ آنْ بَالْكلِي. كَانَتْ مَارْجَرِتْ تَعِيشُ فِي مَكَانٍ بَارِدٍ مَلِيءٍ بِالْخُضْرَةِ يُسَمَّى إِيرْلَنْدَا، فِي دَوْلَةٍ تُدْعَى بِرِيْطَانيَا الْعُظْمَى. كَانَتْ مَارْجَرِتْ ذَكِيَّةً وَفُضُولِيَّةً، وَكَانَ لَدَيْهَا أَحْلَامٌ كَبِيْرَةٌ. وَكَانَتْ شُجَاعَةً وَدَائِمًا مَا كَانَتْ تُحَارِبُ ضِدَّ الظُّلْمِ.
دَفَعَ وَالِدَا مَارْجَرِتْ أَمْوَالًا كَثِيرَةً حَتَّى يَلْتَحِقَ أَخُوهَا بِكُلِّيَةِ الْحُقُوقِ، ثُمُّ صَرَفُوا مَا تَبَقَّى لَهُمْ مِنْ مَالٍ حَتَّى يَتَزَوَّجَ أَخُوهَا مِنِ ابْنَةِ رَجُلٍ غَنِيٍّ.
كَانَتْ مَارْجَرِتْ ذَكِيّةً وَلَدَيْهَا أَحْلَامٌ كَبِيرَةٌ، وَلَكِنْ لَمْ يَتَبَقَّ مَا يَكْفِي مِنَ الْمَالِ لِتُكْمِلَ دِرَاسَتَهَا، حَتَّى كَمُرَبِيَّةٍ أَوْ مُمَرِّضَةٍ.
كَانَتْ مَارْجَرِتْ شُجَاعَةً وَأَعْلَنَتْ أَنَّهَا تُرِيدُ أَنْ تُصْبِحَ طَبِيْبَةً، وَلَكِنْ مُنْذُ مِئَتَيْ عَامٍ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُمُكِنِ لِأَيِّ فَتَاةٍ أَنْ تُصْبِحَ مُحَامِيَةً أَوْ سِيَاسِيَّةً أَوْ طَبِيبَةً.
كَانَ لِمَارْجَرِتْ خَالٌ يُدْعَى جِيمْسْ بَارِي وَكَانَ رَسَّامًا مَشْهُوْرًا. كَانَ لَدَى الْخَالِ جِيمْسْ صَدِيقٌ يُدْعَى الْجِنِرَال مِيرَانْدَا مِن دَوْلَةِ فِنِزْوِيلَا.
كَانَ الْجِنِرَالُ يَمْتَلِكُ مَكْتَبَةً ضَخْمَةً وَجَمِيلَةً تَحْتَوِي عَلَى أَكْثَرِ مِنْ سِتَّةِ آلََافِ كِتَابٍ! تُخْبِرُهُ مَارْجَرِتْ: «أُرِيدُ أَنْ أَقْرَأَ هَذَا الْكِتَابَ، وَهَذَا، وَذَاكَ».
كَانَتْ مَارْجَرِتْ ذَكِيَّةً وَفُضُولِيَّةً، مَاْ أَبْهَرَ الْجِنِرَالَ وَجَعَلَهُ مُعْجَبًا بِذَكَائِهَا.
عِنْدَمَا مَاتَ الْخَالُ جِيمْسْ تَرَكَ لِمَارْجَرِتْ بَعْضَ النُّقُودِ، وَأَخْبَرَهَا الْجِنِرَالُ مِيرَانْدَا: تَرَكَ لَكِ خَالُكِ مَا يَكْفِي مِنَ الْمَالِ لِدِرَاسَةِ الطِّبِ.
قَالَتْ لَهُ مَارْجَرِتْ: لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُصْبِحَ طَبِيبَةً، فَأَنَا فَتَاةٌ!
قَالَ لَهَا الْجِنِرَالُ: وَلَكِنْ يُمْكِنُ لِوَلَدٍ أَنْ يُصْبِحَ طَبِيبًا، وَيُمْكِنُكِ أَنْ تَرْتَدِي مَلَابِسَ الأَوْلَادِ.
كَانَتْ مَارْجَرِتْ شُجَاعَةً وَتُحَارِبُ مِنْ أَجْلِ مَا تُؤْمِنُ بِهِ، وَكَانَتْ لَدَيهَا رَغْبَةٌ صَادِقَةٌ فِي أَنْ تُصْبِحَ طَبِيبَةً، فَقَامَتْ بِقَصِّ شَعْرِهَا، وَتَدَرَّبَتْ عَلَى التَّكَلُّمِ بِصَوْتٍ خَشِنٍ، وَلَبِسَتْ مَلَابِسَ الْأَوْلَادِ.
مُنْذُ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ التَّعَرُّفَ عَلَى هُوِيَّةِ مَارْجَرِتْ الْحَقِيقِيَّةِ، وَأَطْلَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا اِسْمَ جِيمْسْ بَارِي، نَفْسُ اِسْمِ خَالِهَا المُتَوَفَّى.
كَانَ جِيمْسْ بَارِي طَالِبَ طِبٍّ مُجْتَهِدًا، كَانَ يَدْرُسُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَادَّةً وَيَعْمَلُ طَوَالَ الصَّيْفِ بَيْنَمَا يَسْتَمْتِعُ بَقِيَّةُ الطُّلَابِ بِالِإجَازَةِ.
وَلَكِنْ بَعْدَ خَمْسَةِ أَعْوَامٍ، كَانَ عَلَى وَشْكِ أَنْ يُطْرَدَ مِنِ اخْتِبَارِ نِهَايَةِ الْعَامِ، فَقَدْ ظَنَّ الْمُمتَحِنُونَ أَنَّهُ صَغِيرٌ فِي السِّنِ، لِأَنَّ جِيمْسْ بَارِي لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ لِحْيَةٌ لِأَنَّه أَصْلًا فَتَاةٌ.
كَانَ الطَّبِيبُ جِيمْسْ بَارِي شُجَاعًا وَفُضُولِيًّا وَكَانَتْ لَدَيْهِ أَحْلَامٌ كَبِيْرَةٌ، لِذَلِكَ انْضَمَّ إِلَى صُفُوفِ الْجَيْشِ، وَفِي الْجَيْشِ يُمْكِنُكَ أَنْ تَرَى الكَثِيْرَ حَوْلَ الْعَالَمِ .
فِي عَامِ 1816 م، أُرْسِلَ الطَّبِيبُ جِيمْسْ بَارِي إِلَى مَدِينَةِ كِيْبْ تَاوْنْ. كَانَت مَدِينَةً صَغِيرَةً وَجَمِيلَةً فِي دَوْلَةِ جَنُوبِ إِفْرِيقْيَا، الَّتِي تَبْعُدُ كَثِيْراً عَنْ إِيرْلَنْدا والخَاضِعَةِ لِسَيْطَرَةِ الاِنْتِدَابِ البِرِيْطَانِي آنَذاكْ.
شَعَرَ جِيمْسْ بَارِي بِالْحَمَاسِ لِهَذِهِ الرِّحْلَةِ.
كَانَ الطَّبِيْبُ جِيمْسْ بَارِي قَصِيرًا وَنَحِيفًا، وَكَانَ يَلْبَسُ أَحْذِيَةً مُرْتَفِعَةً لِيَبْدُوَ طَوِيلًا، ويَحْشُوَ سُتْرَتَهُ بِالْقُطْنِ لِيَبْدُوَ جَسَدُهُ كَبِيرًا. أَطْلَقَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَلَى جِيمْسْ بَارِي لَقَبَ (كَابُوكْ دُكْتُور) الَّذِي يَعْنِي طَبِيبَ الْقُطْنِ.
كَانَ الطَّبِيبُ جِيمْسْ بَارِي يَغْضَبُ وَيُهَدِّدُ عِنْدَ التَّشَاجُرِ مَعَ أَحَدِهِم. وَقَاتَلَ ذَاتَ مَرَّةٍ بِالْأَسْلِحَةِ، وَلَكِنْ لِحُسْنِ الحَظِّ لَمْ يُصَبْ أَحَدٌ بِسُوءٍ.
لِمَاذَا كَانَ الطَّبِيبُ جِيمْسْ بَارِي يَتَشَاجَرُ كَثِيرًا؟ كَانَتْ مَارْجَرِتْ شُجَاعَةً وَلَكِنَّهَا كَانَتْ تَخَافُ أَيْضاً، كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّهَا لَنْ تُصْبِحَ طَبِيبَةً إِذَا كُشِفَ سِرُّهَا، فَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُقْنِعَ الْجَمِيعَ أَنَّ الطَّبِيبَ جِيمْسْ بَارِي رَجُلٌ بِالْفِعْلِ.
حَارَبَ الطَّبِيبُ جِيمْسْ بَارْي ضِدَّ الظُّلْمِ. فِي مَدِينَةِ كِيْبْ تَاوْنْ، كَانَ يُنْفَى مَرْضَى الْجُذَامِ إِلَى جَزِيرَةٍ تُدْعَى جَزِيرَةَ رُوبِينْ، حَيْثُ عُزِلَ مَرْضَى الْجُذَامِ بِسَبَبِ اعْتِقَادِ النَّاسِ أَنَّهُ مِنَ السَّهْلِ الإِصَابَةُ بِالْعَدْوَى.
وَلَكِنَّ الْبُيُوتَ الْمُتَّسِخَةَ وَالطَّعَامَ الْفَاسِدَ زَادَ مِنْ مُعَانَاةِ مَرْضَى الْجُذَامِ. طَالَبَ الطَّبِيبُ جِيمْسْ بَارِي الْمَسْؤُولِينَ عَنْ مَدِينَةِ كِيْبْ تَاوْنْ بِتَوفِيْرِ سَكَنٍ نَظِيفٍ وَأَكْلٍ صِحِّيٍّ لِمَرْضَى الْجُذَامِ عَلَى جَزِيرَةِ رُوبِينْ.
بَعْدَ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ عَمِلَ الطَّبِيبُ جِيمْسْ بَارِْي فِي مُسْتَشْفَىََ عَسْكَرِيَّةٍ، وَهُنَاكَ قَابَلَ الْمُمَرِّضَةَ فْلُورِنْسْ نَايْتِينْجِيل.
كَانَتْ فْلُورِنْس مَعْرُوْفَةً أَيْضًا بِاسْمِ السَّيِدَةِ ذَاتِ الْمِصْبَاحِ، لِأَنَّهَا كَانَتْ دَائِمًا مَا تَطْمَئِنُّ عَلَى سَلَامَةِ الْجُنُودِ فِيْ الْمَسَاءِ، وَكَانَتْ فْلُورِنْس مَشْهُوْرَةً أَثْنَاءَ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تُطَالِبُ قَادَةَ الجَيْشِ بِتَوْفِيرِ سَكَنٍ نَظِيفٍ وَأَكْلٍ صِحِّيٍّ لِلْجُنُودِ، وَهِيَ نَفْسُ الْمَطَالِبِ الَّتِي كَانَ يُنَادِي بِهَا الطَّبِيبُ جِيمْسْ بَارِي لِسَنَوَاتٍ عَدِيدَةٍ.
سَافَرَ الطَّبِيبُ جِيمْسْ بَارِي حَوْلَ الْعَالَمِ، وَعَمِلَ بِالْإِضَافَةِ لِجَنُوبِ أَفْرِيقْيَا فِي سَانْتْ هِيلِينَا وَبَرْبَادُوسْ وَمُورِيشْيُوسْ وَتْرِينِدَادْ وَتُوبَاغُو وَمَالْطَا وَكُورْفُو وَجَامَايْكَا وَشِبْهِ جَزِيرَةِ القَرمِ وَجُزِرِ الْهِنْدِ الغَرْبِيَّةِ وكَنَدَا، أَيْ أَحَدَ عَشَرَ مَكَانًا فِي الْمُجْمَلِ. يَا لَهَا مِنْ مُغَامَرَةٍ مُمْتِعَةٍ!
عَرِفَ النَّاسُ أَنَّ الطَّبِيبَ جِيمْسْ بَارِي كَانَ أَصْلًا اِمْرَأَةً بَعْدَ وَفَاتِهَا عَامَ 1865م.
وَفِي نَفْسِ ذاكَ الْعَامِ أَصْبَحَتْ إِلِيزَابِيثْ جَارِيتْ أَنْدِرْسُونْ أَوَّلَ طَبِيبَةٍ فِي بِرِيْطَانيَا الْعُظْمَى.
أَثْبَتَ الطَّبِيبُ جِيمْسْ بَارِي لِلْعَالَمِ كُلِّهِ أَنَّ الْفَتَيَاتِ يَتمَتَّعْنَ بِالذَّكَاءِ وَالشَّجَاعَةِ. وَأًنَّ لِلْفَتَيَاتِ أَحْلَامًا كَبِيرَةً. وَأَنَّهُنَّ يُحَارِبْنَ مِنْ أَجْلِ مَا يُؤْمِنَّ بِهِ. وَأّنَّ الْفَتَيَاتِ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يُصْبِحْنَ طَبِيبَاتٍ.