مبادرة ض التطوعية

كيف يدخل معجون الأسنان في الأنبوب؟

خلاصة القصة

رحلة حول العلوم: استكشاف قصة “كيف يدخل معجون الاسنان في الأنبوب

إخراج معجون الأسنان من الأنبوب كلّ صباح هو مسألة سهلة. لكن، هل تعرفون كيفية إدخاله إلى الأنبوب؟ دعونا نخبركم كيف يتم ذلك.

كانَ ذَلِكَ عَامَ 1870م، السَّاعَةَ السَّابِعَةَ صَبَاحًا. في لُنْدُنَ الْجَدِيدَةِ، كُونِّيتِيكِتْ، الْوِلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ.

كانَ الْأَطْفَالُ يَنْدَفِعُونَ مِنْ أَسِرَّتِهِمْ، وَأُمَّهَاتُهُمْ يُسْرِعْنَ لِتَنْظِيفِ أَسْنَانِهِمْ، فَيُنَاوِلْنَهُمْ أَعْوَادَ الْأَسْنَانِ وَجِرَارًا مَلْأى  بِمَعْجُونِ الْأَسْنَانِ. 

مَاذَا؟ هَلْ قُلْتُ لِلتَّوِّ «أَعْوَادَ الْأَسْنَانِ»؟

نَعَمْ، هَذَا صَحِيحٌ.

في ذَلِكَ الْحِينِ، عَامَ 1870، كانُوا يَسْتَخْدِمُونَ أَعْوَادَ الْأَسْنَانِ لِتَنْظِيفِ أَسْنَانِهِمْ. كانَ عُودُ الْأَسْنَانِ عِبَارَةً عَنْ غُصْنٍ صَغِيرٍ تَكُونُ أَلْيَافُهُ مُتَفَرِّقَةً عِنْدَ طَرَفِهِ. بَعْضُ الْأَطْفَالِ الْمَحْظُوظِينَ كَانَتْ لَدَيْهِمْ أَعْوَادٌ مَرْبُوطٌ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْهَا شَعْرٌ خَشِنٌ مِنْ أَجْلِ إِضْفَاءِ لَمَعَانٍ إِضَافِيٍّ عَلَى الْأَسْنَانِ.

وَمَاذَا قُلْتُ أَيْضًا؟ «جِرَارًا مَلْأَى بِمَعْجُونِ الْأَسْنَانِ»؟

نَعَمْ، صَحِيحٌ. لَمْ تَكُنْ أَنَابِيبُ مَعْجُونِ الْأَسْنَانِ قَدْ اِخْتُرِعَتْ بَعْدُ. كانَتْ لَدَيْهِمْ جِرَارٌ فَقَطْ. وَكانَ كُلُّ طِفْلٍ نَعْسَانٍ، وَكُلُّ طِفْلَةٍ نَعْسَانَةٍ، يَبْدَأُونَ يَوْمَهُمْ بِغَمْسِ عُودِ أَسْنَانٍ فِي جَرَّةٍ خَزَفِيَّةٍ مَلْأَى بِمَعْجُونِ الْأَسْنَانِ.

فِي الْحَقِيقَةِ، كَانُوا يَغْمِسُونَ أَعْوَادَ أَسْنَانِهِمْ فِي الْجَرَّةِ الْخَزَفِيَّةِ نَفْسِهَا الَّتِي يَغْمِسُ فِيهَا جَمِيعُ أَفْرَادِ الْعَائِلَةِ أَعْوَادَ الْأَسْنَانِ الْخَاصَّةَ بِهِمْ. وَلَا نَنْسَى الْعَمَّةَ الْكُبْرَى الزَّائِرَةَ  بِأَسْنَانِهَا الصَّفْرَاءِ وَالسَّوْدَاءِ، وَالَّتِي يُشْبِهُ عُودُهَا أَسْنَانَهَا.

فِي صَبِيحَةِ أَحَدِ الْأَيَّامِ، سُمِعَتْ صَرْخَةُ اشْمِئْزَازٍ فِي مَنْزِلِ طَبِيبِ أَسْنَانٍ. «يعععععععععععع!»

كانَ ذَلِكَ لُوسْيُوس، ابْنُ الطَّبِيبِ شِيفِيلْدْ، الَّذِي رَفَضَ الْاِسْتِمْرَارَ فِي غَمْسِ عُودِ أَسْنَانِهِ فِي الْجَرَّةِ وَقَرَّرَ اسْتِخْدَامَ بُودْرَةَ الْأَسْنَانِ مِنَ الآنَ فَصَاعِدًا. لَكِنَّ فِكْرَةً وَاحِدَةً بَقِيَتْ فِي ذِهْنِهِ- لَا بُدَّ أَنَّ هُنَالِكَ طَرِيقَةً أَفْضَلَ لِاسْتِخْدَامِ مَعْجُوِنِ الْأَسْنَانِ.

بَعْدَ سَنَوَاتٍ قَلِيلَةٍ، سَافَرَ لُوسْيُوسُ إِلَى بَاِريسَ لِيَدْرُسَ عِلْمَ طِبِّ الْأَسْنَانِ. وَهُنَاكَ شَاهَدَ فَنَّانِينَ يَضْغَطُونَ عَلَى أَنَابِيبَ مَعْدَنِيَّةٍ لِيُخْرِجُوا مِنْهَا الطِّلَاءَ إِلَى فَرَاشِي الرَّسْمِ. 

«لِمَاذَا لَا يُسْتَخْدَمُ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْأَنَابِيبِ لِحِفْظِ مَعْجُونِ الْأَسْنَانِ؟!» تَسَاءَلَ لُوسْيُوسُ.

عَادَ لُوسْيُوسُ إِلَى الْبَيْتِ مُسْرِعًا وَشَارَكَ فِكْرَتَهُ مَعْ وَالِدِهِ الَّذِي أَعْجَبَتْهُ الْفِكْرَةُ كَثِيرًا.

وَلَكِنْ، كَانَتْ هُنَاكَ مَسْأَلَةُ كَيْفِيَّةِ إِدْخَالِ مَعْجُونِ الْأَسْنَانِ الَّذِي فِي الْجَرَّةِ إِلَى الْأُنْبُوبِ مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الفَتْحَةِ الضَّيِّقَةِ. فَكِّرُوا مَعَنَا: كَيْفَ تَمَكَّنَ لُوسْيُوسُ مِنْ إِدْخَالِ مَعْجُونِ الْأَسْنَانِ إِلَى الْأُنْبُوبِ الْفَارِغِ؟

هَلْ سَبَقَ لَكُمْ أَنْ مَرَرْتُمْ بِصَبَاحٍ سَيِّئٍ، وَأنَتُمْ نِصْفُ نَائِمِينَ تَضْغَطُونَ كَمِّيَّةً كَبِيرَةً مِنْ مَعْجُونِ الْأَسْنَانِ إِلَى الْمَغْسَلَةِ؟ تَخَيَّّلُوا أَنَّ مَعْجُونَ الْأَسْنَانِ قَدْ غَطَّى سَطْحَ الْمَغْسَلَةِ، وَمَامَا تُذَكِّرُكُمْ بِأَنَّ حَافِلَةَ الْمَدْرَسَةِ سَتَكُونُ أَمَامَ الْبَيْتِ خِلَالَ عِشْرِينَ دَقِيقَةً. وَلَنْ تَرْغَبُوا فِي رُؤْيَةِ رَدَّةِ فِعْلِ مَامَا عَلَى الْفَوْضَى الَّتِي تَرَكْتُمُوهَا وَرَاءَكُمْ. هَلْ يُمْكِنُكُمْ إِعَادَةَ الْمَعْجُونِ الْمَسْكُوبِ إِلَى الْأُنْبُوبِ؟    

وَالْآنَ، مَا الَّذِي اسْتَخْدَمَهُ لُوسْيُوسُ وَوَالِدُهُ، فِي رَأْيِكُمْ، لِمَلْءِ الْأُنْبُوبِ بِمَعْجُونِ الْأَسْنَانِ؟

بِالْعُودِ الْقُطْنِيِّ الْخَاصِّ بِتَنْظِيفِ الْأُذُنَيْنِ؟ أَمْ بِمِلْعَقَةٍ صَغِيرَةٍ لِلْغَايَةِ؟  بِنَكَّاشَةِ الْأَسْنَانِ؟

لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ بِهَذِهِ الْفَوْضَوِيَّةِ الَّتِي تَتَوَقَّعُوَنَها، فَالطَّبِيبُ شِيفِيلْدْ وَفَرِيقُهُ تَمَكَّنُوا مِنْ ذَلِكَ مِنْ دُونِ فَتْحِ غِطَاءِ الْأُنْبُوبِ!

هَذَا صَحِيحٌ، فَهُمْ أَبْقُوا الْغِطَاءَ مَشْدُودًا وَفَتَحُوا الْأُنْبُوبَ مِنَ الطَّرَفِ الْآَخَرِ! فَمِنَ السَّهْلِ، بِالتَّأْكِيدِ، مَلْءُ أُنْبُوبٍ مِنَ الطَّرَفِ الْأَوْسَعِ، خَاصَّةً إِذَا كَانَتْ لَدَيْكُمْ أَدَاةٌ لِضَخِّ الْمَعْجُونِ دَاخِلَ الْأُنْبُوبِ؛ مِحْقَنَةٌ، مَثَلًا، أَوْ إِبْرَةٌ. وَبَعْدَ ضَخِّهِ، كُلُّ مَا عَلَيْكُمْ فِعْلُهُ هُوَ إِغْلَاقُ الطَّرَفِ بِإِحْكَامٍ كَيْ لَا يَتَسَرَّبَ الْمَعْجُونُ.

فِي زَمَنِنَا الْحَاضِرِ، تُعّبَّأُ أَنَابِيبُ مَعْجُونِ الْأَسْنَانِ بِوَاسِطَةِ آَلَاتٍ خَاصَّةٍ. تَصْطَفُّ الْأَنَابِيبُ الْفَارِغَةُ عَلَى حِزَامٍ مُتَحَرِّكٍ بِحَيْثُ تَكُونُ أَغْطِيَتُهَا لِلْأَسْفَلِ وَالطَّرَفُ الْمَفْتُوحُ لِلْأَعْلَى. فَوْقَ الْحِزَامِ الْمُتَحَرِّكِ، تُوجَدُ حَاوِيَةٌ كَبِيرَةٌ مُعَبَّأَةٌ بِمَعْجُونِ الْأَسْنَانِ.

وَمِنْ خِلَالِ صَنَابِيرَ تَخْرُجُ مِنْ أَسْفَلِ الْحَاوِيَةِ، يَنْسَكِبُ مَعْجُونُ الْأَسْنَانِ فِي كُلٍّ مِنَ الْأَنَابِيبِ الْفَارِغَةِ أَثْنَاءَ تَحَرُّكِهَا عَلَى الْحِزَامِ. لَكِنَّ الْمَعْجُونَ لَا يَمْلَأُ الْأُنْبُوبَ حَتَّى طَرَفِهِ، وَإِنَّمَا يُتْرَكُ نَحْوُ 1.3 سَنْتِمِتْرًا فَارِغًا كَيْ يَكُونَ مُمْكِنًا إِغْلَاقُ الْأُنْبُوبِ ِبِإحْكَامٍ.

وَالْآَنَ، أَصْبَحَ الْأُنْبُوبُ جَاهِزًا لِتَعْصِرُوهُ!

حِكْمَةٌ هِنْدِيَّةٌ قَدِيمَةٌ مِنْ أَجْلِ أَسْنَانٍ سَلِيمَةٍ

عِوَضًا عَنْ فُرْشَاةِ الْأَسْنَانِ الَّتِي تَعْرِفُونَهَا، يَسْتَخْدِمُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي الْهِنْدِ غُصَيْنًا طَرِيًّا مِنْ شَجَرَةِ النِّيمِ أَوْ شَجَرَةِ  السَّنْطِ الْعَرَبِيِّ وَهُوَ يُحَافِظُ عَلَى سَلَامَةِ وَصِحّةِ الْأَسْنَانِ وَاللَّثَةِ.

بَعْضُ الْأَعْشَابِ وَالتَّوَابِلِ تُفِيدُ الْأَسْنَانَ وَاللَّثَةَ، مِثْلَ النَّعْنَعِ وَالثُّومِ وَالْقِرْفَةِ وَالْفُلْفُلِ الْأَسْوَدِ وَوَرَقِ الرِّيحَانِ أَوِ الْحَبَقِ. كَمَا أَنَّ تَنَاوُلَ الْفَوَاكِهَ وَالْخَضْرَاوَاتِ الْغَنِيَّةَ بِالْأَلْيَافِ، مِثْلَ التُّفَّاحِ وَالْجَزَرِ، يُفِيدُ فِي تَنْظِيفِ الْأَسْنَانِ.  

آخر الإضافات

Scroll to Top