مبادرة ض التطوعية

حكاية الأرنب بيتر

خلاصة القصة

“رحلة حول طاعة الوالدين، استكشاف قصة حكاية الأرنب بيتر


يعصي المشاغب بيتر والدته ويدخل في حديقة السيد مصطفى بحثًا عن الجزر. لقد انتهى به المطاف غارقًا في كل أنواع المشاكل، ليس أقلها فقدان ملابسه وأحذيته، فما الذي سيحدث له؟ وماذا عن أخواته سوسو وتيتي وهدهد الذين قرروا البقاء في المنزل؟

كَانَ يَا ما كان فِي سَالِف  الْعَصْرِ وَالْأوَانِ، كَانَتْ هُنَاكَ أَرْبَعَةُ أَرَانِبَ تُدْعَى: سوسو، تيتي، هدهد وبِيتِر.
كَانُوا يَعيشُونَ مَعَ وَالِدَتِهِمْ عَلَى الشَّاطِئِ الرَّمْلِيِّ،

 تَحْتَ جَذْرِ شَجَرَةِ الشُّوحِ الضَّخْمَةِ.

ذَاتَ صَبَاحٍ قَالَتِ السَّيِّدَةُ أرنوبة: الْآنَ يَا أَحِبّائي، يُمْكِنُكُم الذَّهَابُ إِلَى الْحُقُولِ

 أَوْ أَسْفَلَ الْمُنْحَدَرِ.
وَلَكِنْ، إِيَّاكُمْ وَالذَّهَابَ إِلَى حَديقَةِ السَّيِّدِ مصطفى، فَلَقَد تَعَرَّضَ وَالِدِكُمْ لِحَادِثٍ إذ وَضَعَتْهُ زَوْجَةُ السَّيِّدِ مُصْطَفَى دَاخِلَ فَطِيرَةٍ.

والْآنَ انْصَرِفُوا، وَلَا تُسِيئُوا التَّصَرُّفَ. فَأَنَا خَارِجَةٌ الْآنَ.

ثُمَّ أَخَذَتِ السَّيِّدَةُ أرنوبة سَلَّةً وَمِظَلَّةً،

 وَذَهبَتْ عَبْرَ الْغَابَةِ إِلَى الْخَبَّازِ.
واشتَرَتْ رَغيفَ خُبْزٍ بُنِّيٍّ وَخَمْسَ قِطَعٍ مِنْ كَعْكِ الْمُشْمُشِ.


ذَهَبَ سُوسُو وَتِيتيَ وهُدْهُد، وَهُمْ أَرانِبُ صَغِيرَةٌ ذاتُ سُلوكٍ حَسَنٍ، إِلى الدَّرْبِ الْقَريبِ لِجَمْعِ التُّوتِ الْبَرِّيِّ.

لَكِنَّ بِيتِر الشَّقِيَّ رَكَضَ مُبَاشرةً إِلَى حَديقَةِ السَّيِّدِ مُصْطَفَى، وتَسَلَّلَ زاحِفًا مِنْ تَحْت الْبَوَّابَةِ.

أَكَلَ بِيتِر بَعْضَ الْخَسِّ وَبَعْضَ الْفَاصُولِيَاءِ ثُمَّ تَنَاوَلَ بَعْضَ الْفُجْلِ.

ثُمَّ ذَهَبَ لِلْبَحْثِ عَنْ بَعْضِ الْبَقْدونِسِ وَهُوَ مَمْغُوصٌ.

لَكِنْ، مَنْ تَتَوَقَّعُ أَنْ يُقَابِل عِنْدَ طَرَفِ حَقْلِ الْخِيَارِ سِوَى السَّيِّدِ مُصْطَفى.

كَانَ السَّيِّدُ مُصْطَفى يَزْرَعُ الْمَلْفُوفَ مُسْتَنِدًا إِلَى يَدَيْه وَرُكْبَتَيْهِ، لَكِنَّهُ سُرْعَانَ مَا قَفز وَرَكَضَ وَرَاءَ بِيتِر، وَهُوَ يُلَوِّحُ بِمِجْرَفَةٍ وَيَصْرُخُ قَائِلًا:

 تَوَقَّفْ أَيُّهَا اللِّصُّ.

كَانَ بِيتِرُ خَائِفًا جِدًّا.
هَرَعَ يَجْرِي فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ الْحَديقَةِ،

 لِأَنَّهُ نَسِيَ طَرِيقَ الْعَوْدَةِ إِلَى الْبَوَّابَةِ.

فَقَدَ بِيتِر فَرْدَةَ حِذَائِه بَيْنَ الْمَلْفُوفِ،

 وَالْفَرْدَةَ الْأُخْرَى بَيْنَ الْبَطَاطَا.

وَبَعْدَ فُقْدَانِ بِيتِر لِفَرْدَتِي حذَائِه،

 رَكَضَ عَلَى أَطْرَافِهِ الْأَرْبَعَةِ بِشَكْلٍ أَسْرَعَ، لِذَلِكَ أَعْتَقِدُ أَنَّهُ لرُبَّمَا كَانَ سَيَتَمَكَّنُ مِنَ الْهَرَبِ لَوْ لَمْ يُواجِهْ، لِسُوءِ حَظِّهِ، شَبَكَةَ شُجَيْرَةِ عِنَبِ الثَّعْلَبِ، وَالَّتِي عَلَقَتْ بِهَا أَزْرَارُ سُتْرَتِهِ الْكَبِيرَةُ.
كَانَتْ سُتْرَةً زَرْقَاءَ جَديدَةً تَمَامًا، ذَاتَ أَزْرَارٍ نُحَاسِيَّةٍ .

اسْتَسْلَمَ بِيتِر لِلْخَسَارَةِ وَذَرفَ الْكَثِيرَ مِنَ الدُّموعِ. سَمِعَتْ بَعْضُ الْعَصَافِيرِ الطَّيِّبَةِ نَحِيبَهُ، فَطَارَتْ إِلَيْهِ بِحَمَاسٍ، وَتَرَجَّتْهُ أَنْ يَبْذُلَ قصارى جَهْدِهِ لِيُخَلِّصَ نَفْسَهُ.

جَاءَ السَّيِّدُ مُصْطَفَى حَامِلًا غِرْبَالًا،

 بِهَدَفِ إلْقَائِه عَلَى رَأْسِ بِيتر.
لَكِنَّ بِيتِرَ هَرَبَ فِي الْوَقْتِ الْمُنَاسِبِ، تَارِكَاً سُتْرَتَهُ وَرَاءَهُ.

اِنْدَفَعَ إِلَى السَّقِيفَةِ وَقَفزَ دَاخِلَ دَلْوِ الرَّيِّ.
كَانَ الْاِخْتِبَاءُ فِيه سَيَكُونُ فِكْرَةً رَائِعَةً، لَوْ لَمْ يَكُنِ الدَّلْوُ مَمْلُوءًا بِالْمَاءِ.

كَانَ السَّيِّدُ مُصْطَفَى مُتَأَكِّدًا 

تَمَامًا مِنْ وُجُودِ بِيتِر فِي مَكَانٍ مَا دَاخِلَ  السَّقِيفَةِ، رُبَّمَا يَخْتَبِئُ تَحْتَ مِزْهَرِيَّةٍ مَا.
بَدَأَ يُقَلِّبُ المزْهَرِيّاتِ، الْوَاحِدَةَ تِلْوَ الْأُخْرَى بِحَذَرٍ عَلَّهُ يَجِدُهُ تَحْتَها.

فِي تِلْكَ الَّلحْظَةِ، عَطَسَ بِيتِرُ “أتشوووووو”، فَأَسْرَعَ السَّيِّدُ مُصْطَفَى خَلْفَهُ فِي لَمْحِ الْبَصَرِ.

وَحَاوَلَ أَن يَدُوسَ عَلَى بِيتِر الَّذِي قَفزَ مِنَ النَّافِذَةِ، رَاكِلًا بِذَلِكَ ثَلاثَ نَبْتَاتٍ.

كَانَتِ النَّافِذَةُ صَغِيرَةً جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيِّدِ مُصْطَفًى،

وَكَانَ مُتْعَبًا مِنْ الْجَرْيِ وَرَاءَ بِيتِر.

لِذَلِكَ عَادَ إِلَى عَمَلِهِ.

جَلَسَ بِيتِرٌ لِيَسْتَرِيحَ قَلِيلًا.
كَانَ يَلْهَثُ وَيَرْتَجِفُ مِنَ الْخَوْفِ، وَلَمْ تَكُنْ لَدَيْهِ أَدْنَى فِكْرَةٍ أَيَّ طَرِيقٍ يَسْلُكُ.
كَمَا كَانَ مُبَلَّلًا جِدًّا بِسَبَبِ جُلُوسِهِ فِي دَلْوِ الرَّيِّ.

مَرَّ وَقْتٌ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ فِي الْقَفْزِ بِبُطْءٍ نَاظِرًا حَوْلَهُ بَاحِثًا عَنْ مَخْرَجٍ.

وَجَدَ بِيتر بَابًا فِي الْحَائِطِ.
لَكِنَّ الْبَابَ كَانَ مُغْلَقًا، وَلَمْ تَكُنْ هُنَاكَ أَيَّةُ فُسْحَةٍ لِأَرْنَبٍ صَغيرٍ سَمِينٍ لِكَيْ يَدْخُلَ تَحْتَهَا. 

وَكَانَتْ هُنَاكَ فَأْرَةٌ مُسِنَّةٌ تَجْرِي عَلى عَتَبَةِ الْبَابِ الْحَجَرِيَّةِ، دَاخِلَةً وَخَارِجَةً، حَامِلَةً البَازِلّاءَ وَالْفَاصُولِيَا لِعَائِلَتِهَا فِي الْغَابَةِ. سَأَلَهَا بِيتر عَنِ الطَّرِيقِ إِلَى الْبَوَّابَةِ، لَكِنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلُ حَبَّةَ بازِلّاءٍ كَبِيرَةً فِي فَمِهَا فلَمْ تَسْتَطِعِ الْإِجَابَةَ، وَاِكْتَفَتْ بِهَزِّ رَأْسِهَا لَهُ،فَأَجْهَشَ بِيتر بِالْبُكَاءِ.

ثُمَّ حَاوَلَ أَنْ يَجِدَ طَرِيقَهُ عبر الحديقة، لَكِنَّهُ أَصْبَحَ فِي حَيْرَةٍ مِنْ أَمْرِهِ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ.

هَا قَدْ وَصَلَ إِلَى الْبُحَيْرَةِ الَّتِي يملأ مِنْهَا السَّيِّدُ مُصْطَفَى دِلَاءَ الْمَاءِ.

وَكَانَتْ هُنَاكَ قِطَّةٌ بَيْضَاءُ تُحَدِّقُ فِي السَّمَكِ الذَّهَبِيِّ، جَالِسَةً  فِي هُدُوءٍ.  وَبَيْنَ الْحِينِ وَالْآخَرِ، كان رَأْسُ ذَيْلِهَا يَهْتَزُّ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ.

فَكَّرَ بِيتر في الْاِبْتِعَادِ وعَدَمِ التَّحَدُّثِ مَعَهَا، فَقد سَمِعَ قِصَصًا عَنِ الْقِطَطِ مِنْ ابْنِ عَمِّهِ، الْأَرْنَبِ الصَّغِيرِ شَاشِي.

عَادَ بِيتر إِلَى السَّقِيفَةِ، لَكِنَّهُ سَمِعَ فَجْأَةً صَرِيرَ مِجْرَفَةٍ في الْقُرْبِ مِنْهُ سكرااااتتتش سكراااتش سكريييتش.

اِخْتَبَأَ بِيتر تَحْتَ الشُّجَيْرَاتِ، وَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ شَيْءٌ، خَرَجَ مِنْ مَخْبَأِهِ وَتَسَلَّقَ عَرَبَةً يَدَوِيَّةً وراح يَخْتَلِسُ النَّظَرَ. رأى السَّيِّدَ مُصْطَفًى يَغْرِسُ الْبَصَلَ، وكانَ ظَهْرُهُ مُواجِهًا لبيتر وَبَابُ الْحَقْلِ أَمَامَهُ مُبَاشَرَةً!

نَزَلَ بِيتر مِنَ الْعَرَبَةِ بِهُدُوءٍ شَدِيدٍ، وَبَدَأَ يَرْكُضُ بِأَسْرَعِ مَا يُمْكِنُهُ، عَلَى طُولِ طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ وَرَاءَ بَعْضِ شُجَيْرَاتِ التُّوتِ. 

لَمَحَ السَّيِّدُ مُصْطَفَى الْأَرْنَبَ عِنْدَ الزَّاوِيَةِ، لَكِنَّ بِيتر لَمْ يَهْتَمَّ لِأَمْرِهِ.

وَاِنْزَلَقَ تَحْتَ الْبَوَّابَةِ، وَفِي النِّهَايَةِ أَصْبَحَ فِي مَأْمَنٍ فِي الْغَابَةِ خَارِجَ الْحَديقَةِ.

عَلَّقَ السَّيِّدُ مُصْطَفَى السُّتْرَةَ الصَّغِيرَةَ وَالحِذَاءَ عَلى فَزَّاعَةٍ مِنَ الْخَشَبِ لِإِخَافَةِ طَائِرِ الشّحْرُور.

لَمْ يَتَوَقَّفْ بِيتر عَنِ الْجَرْي وَالنَّظَرِ وَرَاءَهُ حَتَّى وَصَلَ إِلَى شَجَرَةِ الشُّوحِ.

لقَد كَانَ بِيتر مُتْعَبًا جِدًّا لِدَرَجَةِ أَنَّهُ اِرْتَمَى عَلَى الرِّمَالِ النَّاعِمَةِ الَّتِي تُغَطِّي أرْضِيَّةَ الْجُحْرِ وَأَغْمَضَ عَينَيْه. كَانَتْ وَالِدَتُهُ مَشْغُولَةً بِالطَّبْخِ. تَسَاءَلَتْ عَمَّا فَعَلَهُ بِمَلَاَبِسِهِ، فَقَدْ كَانَتْ تِلْكَ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ الَّتِي يَفْقِدُ فِيهَا بِيتر أَحْذِيَتَهُ وَسُتْرَتَهُ خِلَالَ أُسْبُوعَيْنِ!

مِنَ الْمُؤْسِفِ أَن أَقُولَ أَنَّ بِيتر لَمْ يَكُنْ عَلَى مَا يُرَامُ خِلَالَ الْمَسَاءِ. 

وَضْعَتُهُ وَالِدَتُهُ فِي السَّرِيرِ، وَحَضَّرَتْ لَهُ شَايَ الْبَابُونجِ، وَأَعْطَتْهُ جُرْعَةً مِنْهُ.

– تُؤْخَذْ مِلْعَقَةُ طَعَامٍ وَاحِدَةٌ مِنْهُ وَقْتَ النَّوْمِ.

وَلَكِنَّ سُوسُو وَتِيتي وَهُدْهُدَ تَنَاوَلُوا الْخُبْزَ وَالْحَلِيبَ وَتُوتَ الْعِلِّيقِ كَوَجْبَةٍ لِلْعَشَاءِ.

آخر الإضافات

Scroll to Top