- 4916095470403+
- board@dadd-initiative.org

- نوع الملف: PDF
- التصنيف: خيال
- تأليف: د .غالية الذرعاني
- رسوم: أماني محمد عيسوي
خلاصة القصة
فهيم، الجمل الطيب والذكي، يعيش في واحة محاطة برمال الصحراء ويستمتع باللعب مع أصدقائه. على الرغم من فضوله بالطيران مثل أصدقائه الطيور، يتعلم فهيم أن الجِمال مُعدة للمشي والسفر في الصحراء، وليس للطيران.
- الكاتبة د .غالية الذرعاني
كاتبة حاصلة على العديد من الجوائز الأدبية، منها جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الروائي 2020م والجائزة التشجيعية لجائزة أحمد إبراهيم الفقيه للرواية 2020م.
نالت قصتها كيف طار الجمل فهيم؟ (قصة للأطفال) الاهتمام في مسابقة مشروع حكايات ض في ألمانيا، ووصلت روايتها (دوامات الزئبق) للقائمة القصيرة للجائزة المغاربية محمد العروسي المطوي 2022م. كما فازت قصتها للأطفال (دجاجتي وحيدة) بالمركز الأول لمسابقة هيئة الحوار الدائم بالمغرب ومجلة الفنون والإعلام، على مستوى الوطن العربي، 2023م. ولها إصدارات وعد بربيع آخر- ثلج يحترق- نزف- الحرائق في حدائق التفاح- قوارير خاوية- تسونامي – أم الزين- دوامات الزئبق- الحمام ليس للبيع- متاهة الحي الشرقي، ومجموعة قصصية للأطفال قيد الطباعة.
- الرسامة أماني محمد عيسوي
رسامةُ كتب أطفال ومصممةُ جرافيك من المنوفية – مصر.
«درستُ بكليةِ الفنونِ التطبيقيةِ في مصر، قسم الإعلانِ والطباعةِ والنشرِ بتقديرٍ جيدٍ جداً، وأعملُ كرسامةٍ حرةٍ في مجال رسومِ قصصِ الأطفالِ أملاً في تركِ أثرٍ إيجابيٍ في نفوسِ الأطفال وإدخالِ البهجةِ والسرورِ على قلوبهمْ وإعطائهمْ دفعةَ أملٍ في الحياةِ.» أماني عيسوي
فَهيمٌ جَمَلٌ لَطيفٌ، خَلوقٌ وَذَكِيٌّ وَخَفيفٌ، يَعيشُ في واحَةٍ خَضْراءَ، تُحيطُ بِها رِمالُ الصَّحْراءِ.
لَدى فَهِيمٍ أَصْدِقاءُ رائِعونَ، يَلْعَبونَ مَعاً في الواحَةِ فَرِحينَ، وَهؤُلاءِ الأَصْدِقاءُ هُمْ: الحَمَامَةُ هَديلٌ، وَالعُصْفورُ سَميرٌ، وَالصَّقْرُ أَميرٌ.

كانَ فَهيمٌ يَلْعَبُ مَعَ أَصْدِقائِهِ لُعبةَ شَدِّ الحَبْلِ، وَقَدْ يَرْكُضونَ عَلى الرَّمْلِ، يَصْعَدونَ التِّلالَ، وَيَرْسُمونَ شَمساً جَميلَةً، أَوْ نَخْلَةً وَنَجْمَةً وَهِلالاً، يَدورونَ حَوْلَ الواحَةِ، وَيَقْفِزونَ بِالحَبْلِ في السّاحَةِ، تُعْطيهِمُ النَّخَلاتُ تَمْراً، وتُعْطيهِمُ البُحَيْرَةُ ماءً، فَيَأْكُلونَ وَيَشْرَبونَ، ثُمَّ يَلْعَبونَ وَيَلْعَبونَ، وَيَنْتَظِرونَ المَساءَ؛ لِيَعودوا إِلى بُيوتِهِمْ سُعَداءَ.

كانَ سَميرٌ وَهَديلٌ وَأَميرٌ يَطيرونَ فَوْقَ النَّخيلِ وَفَوْقَ التِّلالِ بَعيداً بَعيداً، وَكانَ سَميرٌ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَهُوَ عَلى الأَرْضِ سَعيداً سَعيداً.
في إِحْدى الأُمْسِيَات، فَكَّرَ فَهيمٌ وَفَكَّرَ، ثُمَّ دَعا اللّٰه، وَقالَ: يا رَبُّ، أَجِبْ دُعائي، واجْعَلْني أَطيرُ مِثْلَ أَصْدِقائي.
.

باتَ فَهيمٌ لَيْلَتَهُ مُفَكِّراً، وَفي الصَّباحِ اسْتَيْقَظَ مُبَكِّراً، سارَ تَحْتَ أَشْجارِ النَّخيلِ، يَبْحَثُ عَنْ صَديقَتِهِ الْحَمَامَةِ هَديلٍ، وَجَدَها تَجْلِسُ في راحَةٍ في عُشِّها فَوْقَ سَطْحِ أَحَدِ بُيوتِ الواحَةِ، رَتَّبَ فَهيمٌ في عَقْلِهِ الكَلامَ، وَقالَ بَعْدَ أَنْ أَلْقى السَّلامَ: هَدِيلُ يا هَدِيلُ! عَلِّميني كَيْفَ أَطيرُ؟

دُهِشَتْ هَديلُ وَذُهِلَتْ، نَظَرَتْ إِلى فَهيمٍ وَابْتَسَمَتْ، ثُمَّ قالَتْ: الجَمَلُ يا صَديقي لا يَطيرُ، الجَمَلُ في الصَّحْراءِ يَسيرُ، يُسافِرُ فيها اللَّيالي الطِّوالِ، في كُلِّ الظُّروفِ وَالأَحْوالِ.

حَزِنَ فَهيمٌ، وَقَرَّرَ أَنْ يَسْأَلَ صَديقَهُ العُصْفورَ سَميراً. وَجَدَهُ يَجْلِسُ في راحَةٍ، في عُشِّهِ فَوْقَ سَطْحِ أَحَدِ بُيوتِ الواحَةِ، رَتَّبَ فَهيمٌ في عَقْلِهِ الكَلامَ، وَقالَ بَعْدَ أَنْ أَلْقَى السَّلامَ: سَميرُ يا سَميرُ! عَلِّمْني كَيْفَ أَطيرُ؟

دُهِشَ سَميرٌ وَذُهِلَ، نَظَرَ إِلى فَهيمٍ وَابْتَسَمَ، ثُمَّ قالَ: الجَمَلُ يا صَديقي لا يَطيرُ، الجَمَلُ في الصَّحْراءِ يَسيرُ، يُسافِرُ فيها اللَّيالي الطِّوالِ، في كُلِّ الظُّروفِ وَالأَحْوالِ.

حَزِنَ فَهيمٌ، وَقَرَّرَ أَنْ يَسْأَلَ صَديقَهُ الصَّقْرَ أَميراً، وَجَدَهُ يَجْلِسُ في راحَةٍ في عُشِّهِ فَوْقَ صَخْرَةٍ بِالقُرْبِ مِنَ الواحَةِ، رَتَّبَ فَهيمٌ في عَقْلِهِ الكَلامَ، وَقالَ بَعْدَ أَنْ أَلْقَى السَّلامَ: أَميرُ يا أَميرُ! عَلِّمْني كَيْفَ أَطيرُ؟

دُهِش أَميرٌ وَذُهِلَ، نَظَرَ إِلى فَهيمٍ وَابْتَسَمَ، ثُمَّ قالَ: الجَمَلُ يا صَديقي لا يَطيرُ، الجَمَلُ في الصَّحْراءِ يَسيرُ، يُسافِرُ فيها اللَّيالي الطِّوالِ، في كُلِّ الظُّروفِ والأَحْوالِ.

عادَ فَهيمٌ إِلى بَيْتِهِ مَهْموماً حَزيناً، تَذَكَّرَ أَنَّ لَهُ رَبّاً عَظيماً، مَدَّ يَديْهِ إِلى السَّماءِ وَقالَ: يا رَبُّ، أَجِبْ دُعائي، واجْعَلْني أَطيرُ مِثْلَ أَصْدِقائي.
.

نَظَر فَهيمٌ حَوْلَهُ في المَكانِ، فَعَثَرَ عَلى بَعْضِ الأَلواحِ وَالمَساميرِ وَالأَلْوانِ، فَخَطَرَتْ لَهُ فِكْرَةٌ.
جَمَعَ فَهيمٌ الأَلْواحَ وَرَتَّبَها، وَبِالمَساميرِ رَبَطَها، ثُمَّ بِالأَلْوانِ زَيَّنَها، وَعِنْدَما نَظَرَ إِلى ما صَنَعَ وَبَرَعَ فيهِ وَأَبْدَعَ، رَفَعَ رَأْسَهُ إِلى السَّماءِ، وَرَدَّدَ: الحَمْدُ لِلّٰهِ! الحَمْدُ لِلّٰهِ! الحَمْدُ لِلّٰهِ!

صَنَعَ فَهيمٌ لَوْحَ تَزَلُّجٍ جَميلاً، كَبيراً وَثابِتاً ومَتيناً. رَكَضَ بِهِ إِلى أَعْلى تَلَّةٍ عَثَرَ عَلَيْها، وَضَعَ اللَّوْحَ فَوْقَها، ابْتَسَمَ وَجَلَسَ عَلى لَوْحِهِ، وَإِلى الأَسْفَلِ دَفَعَ بِنَفْسِهِ.

انْزَلَقَ اللَّوْحُ بِفَهيمٍ عَلى الرِّمالِ بِقُوَّةٍ وسُرْعَةٍ في الحالِ.
كانَ فَهيمٌ يَعْرِفُ بِأَنَّ السُّرْعَةَ الَّتي يَنْدَفِعُ بِها اللَّوْحُ نازِلاً، سَتَندْفَعُ بِهِ عَلى التَّلّةِ المُقابِلَةِ صَاعِداً.

وهكَذا، عِنْدَما وَصَلَ اللَّوْحُ بِفَهيمٍ إِلى الأَسْفَلِ، انْدَفَعَ مَرَّةً أُخْرى عَلى التَّلَةِ المُقَابِلَةِ إِلى الأَعْلى، وَحينَ وَصَلَ إِلى قِمَّتِها، طارَ بِفَهيمٍ في الهَواءِ، طارَ وَطارَ، ثُمَّ سَقَطَ بِفَهيمٍ بِقُوَّةٍ إِلى الأَسْفَلِ.

بَعْدَ سُقوطِه، شَعَرَ فَهيمٌ بِأَلَمٍ شَديدٍ في كُلِّ جِسْمِهِ، لكِنَّهُ حينَ تَذَكَّرَ فَرَحَهُ وَهُوَ يَطيرُ في الهَواءِ، نَهَضَ وَنَظَرَ
مُبْتَسِماً إِلى السَّماءِ، رَكَضَ فَوْقَ الرِّمالِ،
وَعادَ يَصْعَدُ التَّلَةَ في الحالِ.
كانَ كُلَّما طارَ في الهَواءِ رَأى أَشْياءَ جَديدَةً، أَشْياءَ قَريبَةً وَأُخْرى بَعيدَةً، رَأى أَصْدِقاءَهُ وَهُمْ يَطيرونَ إِلى جانِبِهِ سُعَداءَ مُندهِشينَ،

رَأى الواحَةَ وَبُيوتَها وَالأشْجارَ الخَضْراءَ، رَأى البُحَيْرَةَ الصّافِيَةَ الزَّرْقاءَ، رَأى الصَّحْراءَ تَمْتَدُّ إِلى ما لا نِهايَةٍ بِرِمالِها الصَّفْراءِ، وَكانَ كُلَّما سَقَطَ إِلى الأَسْفَلِ لا يَبْكي، بَلْ يَعودُ مِنْ جَديدٍ إِلى أَعْلى التَّلَةِ يَجْري، وَهُوَ يُرَدِّدُ فَرْحانًا سَعيداً: الحَمْدُ لِلّٰهِ! الحَمْدُ لِلّٰهِ! الحَمْدُ لِلّٰهِ! أَنا أَطيرُ، أَنا أَطيرُ، أَنا أَطيرُ.
